الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج
.كِتَابُ الِاعْتِكَافِ: هُوَ لُغَةً لُزُومُ الشَّيْءِ وَلَوْ شَرًّا وَشَرْعًا مُكْثٌ مَخْصُوصٌ عَلَى وَجْهٍ يَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ مُعْتَكِفٌ وَمُعْتَكَفٌ فِيهِ وَلُبْثٌ وَنِيَّةٌ (هُوَ مُسْتَحَبٌّ كُلَّ وَقْتٍ) إجْمَاعًا (وَ) هُوَ (فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ أَفْضَلُ) مِنْهُ فِي غَيْرِهَا وَلَوْ بَقِيَّةَ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاوَمَ عَلَيْهِ إلَى وَفَاتِهِ قَالُوا وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ (لِطَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ) أَيْ: الْحِكَمِ وَالْفَضْلِ أَوْ الشَّرَفِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَاَلَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أَيْ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ قَدْرٍ فَهِيَ أَفْضَلُ لَيَالِي السَّنَةِ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا أَيْ: تَصْدِيقًا بِهَا وَاحْتِسَابًا أَيْ: لِثَوَابِهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «وَمَا تَأَخَّرَ» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ: «مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ حَتَّى يَنْقَضِيَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَقَدْ أَخَذَ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِحَظٍّ وَافِرٍ» وَخَبَرَ: «مَنْ شَهِدَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَقَدْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ» وَقُدِّمَ هَذَا فِي سُنَنِ الصَّوْمِ لِيُبَيَّنَ ثُمَّ نَدَبَهُ لِلصَّوْمِ وَهُنَا نَدَبَهُ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا مِنْ لَيَالِي الْعَشْرِ وَأَرْجَاهَا الْأَوْتَارُ (وَمَيْلُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَى أَنَّهَا) أَيْ: تِلْكَ اللَّيْلَةَ الْمُعَيَّنَةَ (لَيْلَةُ الْحَادِي) وَالْعِشْرِينَ (أَوْ) لَيْلَةُ (الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُرِيَهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي لَيْلَةٍ وِتْرٍ مِنْهُ وَأَنَّهُ سَجَدَ صَبِيحَتَهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ» فَكَانَ ذَلِكَ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَيْلَةُ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ كَمَا فِي مُسْلِمٍ وَاخْتَارَ جَمْعٌ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ بَلْ تُنْقَلُ فِي لَيَالِيهِ فَعَامًا أَوْ أَعْوَامًا تَكُونُ وِتْرًا إحْدَى أَوْ ثَلَاثًا أَوْ غَيْرَهُمَا وَعَامًا أَوْ أَعْوَامًا تَكُونُ شَفْعًا ثِنْتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا أَوْ غَيْرَهُمَا قَالُوا وَلَا تَجْتَمِعُ الْأَحَادِيثُ الْمُتَعَارِضَةُ فِيهَا إلَّا بِذَلِكَ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ يَقْتَضِيهِ وَيُسَنُّ لِرَائِيهَا كَتْمُهَا وَلَا يَنَالُ فَضْلَهَا أَيْ: كَمَالَهُ إلَّا مَنْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا وَحِكْمَةُ إبْهَامِهَا فِي الْعَشْرِ إحْيَاءُ جَمِيعِ لَيَالِيهِ وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِنَا وَبَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَاَلَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَشَذَّ وَأَغْرَبُ مَنْ زَعَمَهَا لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَعَلَامَتُهَا أَنَّهَا مُعْتَدِلَةٌ وَأَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ صَبِيحَتَهَا وَلَيْسَ لَهَا كَثِيرُ شُعَاعٍ لِعَظِيمِ أَنْوَارِ الْمَلَائِكَةِ الصَّاعِدِينَ وَالنَّازِلِينَ فِيهَا وَفَائِدَةُ ذَلِكَ مَعْرِفَةُ يَوْمِهَا؛ إذْ يُسَنُّ الِاجْتِهَادُ فِيهِ كَلَيْلَتِهَا.الشَّرْحُ:(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ).(قَوْلُهُ أَيْ: تَصْدِيقًا بِهَا) هَلْ الْمُرَادُ التَّصْدِيقُ بِثُبُوتِهَا فِي نَفْسِهَا أَوْ الْمُرَادُ التَّصْدِيقُ بِأَنَّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ الَّتِي قَابَلَهَا هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِيهِ نَظَرٌ.(قَوْلُهُ وَإِنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ) لَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِالْعُذْرِ لَيْسَ لِإِخْرَاجِ غَيْرِهِ بَلْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ النَّدْبِ عِنْدَ الْإِفْطَارِ لِمَكَانِ الْعُذْرِ.(قَوْلُهُ وَلَا يَنَالُ فَضْلَهَا أَيْ: كَمَالَهُ إلَّا مَنْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَرُفِعَتْ أَيْ: رُفِعَ عِلْمُ عَيْنِهَا وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ فَلْيُتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَا يَحْصُلُ عِنْدَ عَدَمِ عِلْمِهَا بِالِاجْتِهَادِ فِي لَيَالِي الْعَشْرِ وَأَيَّامِهِ يَرْبُو كَثِيرًا عَلَى مَا فَاتَ مِنْ كَمَالِ فَضْلِهَا.(قَوْلُهُ مُعْتَدِلَةٌ) أَيْ: لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ.(قَوْلُهُ كَلَيْلَتِهَا) الْأَوْضَحُ كَهِيَ وَلَعَلَّ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةٌ.(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ).(قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَفِي رِوَايَةٍ وَمَا تَتَأَخَّرُ وَقَوْلُهُ وَاخْتَارَ إلَى وَيُسَنُّ وَقَوْلُهُ وَشَذَّ إلَى وَعَلَامَتُهَا وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَاَلَّتِي يُفَرَّقُ إلَى وَعَلَامَتُهَا.(قَوْلُهُ لُزُومُ الشَّيْءِ) أَيْ: مُلَازَمَتُهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.(قَوْلُهُ مُكْثٌ مَخْصُوصٌ إلَخْ) أَيْ لُبْثٌ فِي مَسْجِدٍ بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ مِنْ مُسْلِمٍ مُمَيَّزٍ عَاقِلٍ طَاهِرٍ عَنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ صَاحٍ كَافٍّ نَفْسَهُ عَنْ شَهْوَةِ الْفَرْجِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ نِهَايَةٌ.(قَوْلُهُ وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَهِدْنَا إلَى إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ} نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْتَحَبٌّ) أَيْ: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ نِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (كُلَّ وَقْتٍ) أَيْ: فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ: حَتَّى فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ تَحَرَّاهَا ع ش وَشَيْخُنَا.(قَوْلُهُ دَاوَمَ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ: ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.(قَوْلُهُ قَالُوا) أَيْ الْعُلَمَاءُ (وَحِكْمَتُهُ) أَيْ حِكْمَةُ أَفْضَلِيَّةِ الِاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الْمَذْكُورِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِطَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ) أَيْ: فَيُحْيِيهَا بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَكَثْرَةِ الدُّعَاءِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ فِيهَا مِنْ قَوْلِ اللَّهُمَّ إنَّك عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي مُغْنِي.(قَوْلُهُ وَالْفَصْلُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ.(قَوْلُهُ أَوْ الشَّرَفِ) عَطْفٌ عَلَى الْحُكْمِ وَإِشَارَةٌ إلَى وَجْهٍ آخَرَ لِتَسْمِيَتِهَا بِالْقَدْرِ و(قَوْلُهُ الْمُخْتَصَّةُ إلَخْ) صِفَةُ اللَّيْلَةِ.(قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِالْعَشْرِ الْأَخِيرِ مُغْنِي.(قَوْلُهُ وَاَلَّتِي إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْمُخْتَصَّةِ.(قَوْلُهُ فَهِيَ أَفْضَلُ لَيَالِي السَّنَةِ) أَيْ: فِي حَقِّنَا لَكِنْ بَعْدَ لَيْلَةِ الْمَوْلِدِ الشَّرِيفِ وَيَلِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ ثُمَّ لَيْلَةُ عَرَفَةَ ثُمَّ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ ثُمَّ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَبْعَانَ وَأَمَّا بَقِيَّةُ اللَّيَالِي فَهِيَ مُسْتَوِيَةٌ وَاللَّيْلُ أَفْضَلُ مِنْ النَّهَارِ وَأَمَّا فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْأَفْضَلُ لَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ فِيهَا شَيْخُنَا.(قَوْلُهُ تَصْدِيقًا بِهَا) أَيْ: بِأَنَّهَا حَقٌّ وَطَاعَةٌ (وَاحْتِسَابًا) أَيْ طَلَبًا لِرِضَاءِ اللَّهِ وَثَوَابِهِ لَا رِيَاءً وَسُمْعَةً وَنَصْبُهُمَا عَلَى الْمَفْعُولِ أَوْ التَّمْيِيزِ أَوْ الْحَالِ بِتَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ وَعَلَيْهِ فَهُمَا حَالَانِ مُتَدَاخِلَانِ أَوْ مُتَرَادِفَانِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. اهـ. ع ش.(قَوْلُهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ شَهْرُ رَمَضَانَ إلَخْ) أَيْ: لَا يَتِمُّ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِمُلَازَمَةِ جَمِيعِ الشَّهْرِ ع ش.(قَوْلُهُ وَقَدَّمَ هَذَا) أَيْ: نَدْبَ الِاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ.(قَوْلُهُ وَهُنَا نَدْبَهُ إلَخْ) أَيْ: وَذَكَرَ هُنَا نَدْبَهُ إلَخْ فَلَا تَكْرَارَ قَالَ الْمُغْنِي وَأَعَادَهَا لِذِكْرِ حِكْمَةِ الِاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الْمَذْكُورِ. اهـ. وَقَالَ النِّهَايَةُ وَمَا هُنَا فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ فِيهِ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ. اهـ.(قَوْلُهُ وَإِنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ) لَعَلَّ التَّقْيِيدَ لَيْسَ لِإِخْرَاجِ غَيْرِهِ بَلْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ النَّدْبِ عِنْدَ الْإِفْطَارِ لِعُذْرٍ لِمَكَانِ الْعُذْرِ سم.(قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ إلَخْ) وَفِي الْقَدِيمِ أَرْجَاهَا لَيْلَةُ إحْدَى أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ بَقِيَّةُ الْأَوْتَارِ ثُمَّ أَشْفَاعُ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَجَمَاعَةٌ إنَّهَا فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ وَخَصَّهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَوْتَارِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَبَعْضُهُمْ بِأَشْفَاعِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأُبَيُّ هِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَفِيهَا نَحْوُ الثَّلَاثِينَ قَوْلًا مُغْنِي.(قَوْلُهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا إلَخْ) ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا تَكُونُ عِنْدَ كُلِّ قَوْمٍ بِحَسَبِ لَيْلِهِمْ فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ عِنْدَنَا نَهَارًا لِغَيْرِنَا تَأَخَّرَتْ الْإِجَابَةُ وَالثَّوَابُ إلَى أَنْ يَدْخُلَ اللَّيْلُ عِنْدَهُمْ وَيُحْتَمَلُ لُزُومُهَا لِوَقْتٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ نَهَارًا بِالنِّسْبَةِ لِقَوْمٍ وَلَيْلًا بِالنِّسْبَةِ لِآخَرِينَ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِيَنْطَبِقَ عَلَيْهِ مُسَمَّى اللَّيْلِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَخْذًا مِمَّا قِيلَ فِي سَاعَةِ الْإِجَابَةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ إنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَوْقَاتِ الْخُطَبِ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ أَوْ الثَّالِثِ إلَخْ) هَذَا نَصُّ الْمُخْتَصَرِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ مَيْلَهُ إلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ لَا غَيْرُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ شَيْخُنَا وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا لَيْلَةُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى: {إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} إلَى: {سَلَامٌ هِيَ} فَإِنَّ كَلِمَةَ هِيَ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ كَلِمَاتِ السُّورَةِ وَهِيَ كِنَايَةٌ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. اهـ.(قَوْلُهُ أُرِيَهَا) أَيْ: فِي الْمَنَامِ.(قَوْلُهُ وَأَنَّهُ يَسْجُدُ إلَخْ) أَيْ: وَأَرَى أَنَّهُ إلَخْ قَوْلُهُ وَاخْتَارَ إلَى قَوْلِهِ وَيُسَنُّ فِي الْمُغْنِي.(قَوْلُهُ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا) وَعَلَيْهِ جَرَى الصُّوفِيَّةُ وَذَكَرُوا لِذَلِكَ ضَابِطًا وَقَدْ نَظَمَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ وَأَنَّا جَمِيعًا إنْ نَصُمْ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَفِي تَاسِعِ الْعِشْرِينَ خُذْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَإِنْ كَانَ يَوْمُ السَّبْتِ أَوَّلَ صَوْمِنَا فَحَادِي وَعِشْرِينَ اعْتَمِدْهُ بِلَا عُذْرِ وَإِنْ هَلَّ يَوْمُ الصَّوْمِ فِي أَحَدٍ فَفِي سَابِعِ الْعِشْرِينَ مَا رُمْت فَاسْتَقْرِ وَإِنْ هَلَّ فِي الِاثْنَيْنِ فَاعْلَمْ بِأَنَّهُ يُوَافِيك نَيْلُ الْوَصْلِ فِي تَاسِعِ الْعَشْرِيّ وَيَوْمُ الثُّلَاثَاءِ إنْ بَدَأَ الشَّهْرُ فَاعْتَمِدْ عَلَى خَامِسِ الْعِشْرِينَ تَحْظَى بِهَا فَادْرِ وَفِي الْأَرْبَعَا إنْ هَلَّ يَا مَنْ يَرُومُهَا فَدُونَك فَاطْلُبْ وَصْلَهَا سَابِعَ الْعَشْرِيّ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ إنْ بَدَا الشَّهْرُ فَاجْتَهِدْ تُوَافِيك بَعْدَ الْعَشْرِ فِي لَيْلَةِ الْوِتْرِ شَيْخُنَا وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ وَالْقَلْيُوبِيِّ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ إنْ كَانَ أَوَّلُ الشَّهْرِ يَوْمَ الْأَحَدِ أَوْ الْأَرْبِعَاءِ فَهِيَ لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ أَوْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَهِيَ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ أَوْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ أَوْ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَهِيَ لَيْلَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ أَوْ يَوْمَ السَّبْتِ فَهِيَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَمُذْ بَلَغْت سِنَّ الرِّجَالِ مَا فَاتَتْنِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ. اهـ.(قَوْلُهُ إحْدَى أَوْ ثَلَاثًا أَوْ غَيْرَهُمَا) أَيْ: وَعِشْرِينَ.(قَوْلُهُ ثِنْتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا أَوْ غَيْرَهُمَا) أَيْ: وَعِشْرِينَ.(قَوْلُهُ قَالُوا وَلَا تُجْمَعُ الْأَحَادِيثُ الْمُتَعَارِضَةُ فِيهَا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ قَوِيٌّ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ لَكِنَّ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلَ مُغْنِي أَيْ أَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا مِنْ لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ.(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ لِرَائِيهَا كَتْمُهَا) أَيْ: لِأَنَّهَا كَالْكَرَامَةِ وَهِيَ يُسْتَحَبُّ كَفُّهَا ع ش.(قَوْلُهُ إحْيَاءُ جَمِيعِ إلَخْ) أَيْ: بِالْعِبَادَةِ وَالدُّعَاءِ نِهَايَةٌ.(قَوْلُهُ وَبَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) أَيْ: إجْمَاعًا وَتُرَى حَقِيقَةً وَالْمُرَادُ بِرَفْعِهَا فِي خَبَرِ فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ رُفِعَ عِلْمُ عَيْنِهَا وَإِلَّا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِالْتِمَاسِهَا وَمُغْنِي عَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ أَيْ: لِتَرْغَبُوا فِي طَلَبِهَا وَالِاجْتِهَادِ فِي كُلِّ اللَّيَالِي وَلْيَكْثُرْ فِيهَا وَفِي يَوْمِهَا مِنْ الْعِبَادَةِ بِإِخْلَاصٍ وَصِحَّةِ يَقِينٍ وَمِنْ قَوْلِهِ اللَّهُمَّ إنَّك عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا نِهَايَةٌ.(قَوْلُهُ وَاَلَّتِي يُفَرَّقُ فِيهَا إلَخْ) أَيْ: وَأَمَّا مَا يَقَعُ لَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ إنْ صَحَّ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ الْكِتَابَةِ فِيهَا وَتَمَامُ الْكِتَابَةِ وَتَسْلِيمُ الصُّحُفِ لِأَرْبَابِهَا إنَّمَا هُوَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ع ش عِبَارَةُ شَيْخِنَا فَضَمِيرُ فِيهَا رَاجِعٌ إلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ وَبَعْضُهُمْ رَجَّعَهُ لِلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَتُقَدَّرُ الْأَشْيَاءُ وَتَثْبُتُ فِي الصُّحُفِ فِيهَا وَتُسَلَّمُ لِأَرْبَابِهَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. اهـ.(قَوْلُهُ مُعْتَدِلَةٌ) أَيْ: لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ سم.(قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهَا كَبِيرُ شُعَاعٍ) وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ كَرُمْحٍ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ ع ش.
|