الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
ويجوز أن يكون أمم مبتدأ، ومحذوف الصفة وهي المسوغة لجواز الابتداء بالنكرة، والتقدير: وأمم منهم أي ممن معك، أي ناشئة ممن معك، وسنمتعهم هو الخبر كما قالوا: السمن منوان بدرهم، أي منوان منه، فحذف منه وهو صفة لمنوان، ولذلك جاز الابتداء بمنوان وهو نكرة.ويجوز أن يقدر مبتدأ ولا يقدر صفة الخبر سنمتعهم، ومسوغ الابتداء كون المكان مكان تفصيل، فكان مثل قول الشاعر:
وقال القرطبي: ارتفعت وأمم على معنى: ويكون أمم انتهى.فإنْ كان أراد تفسير معنى فحسن، وإن أراد الإعراب ليس بجيد، لأن هذا ليس من مواضع إضمار يكون، وقال الأخفش: هذا كما تقول كلمت: زيدًا وعمرو جالس انتهى.فاحتمل أن يكون من باب عطف الجمل، واحتمل أنْ تكون الواو للحال، وتكون حالًا مقدرة لأنه وقت الأمر بالهبوط لم تكن تلك الأمم موجودة.وقال أبو البقاء: وأمم معطوف على الضمير في اهبط تقديره: اهبط أنت وأمم، وكان الفصل بينهما مغنيًا عن التأكيد، وسنمتعهم نعت لأمم انتهى.وهذا التقدير والمعنى لا يصلحان، لأنّ الذين كانوا مع نوح في السفينة إنما كانوا مؤمنين لقوله: ومن آمن، ولم يكونوا قسمين كفارًا ومؤمنين، فتكون الكفار مأمورين بالهبوط مع نوح، إلا إن قدر أن من أولئك المؤمنين من يكفر بعد الهبوط، وأخبر عنهم بالحالة التي يؤولون إليها فيمكن على بعد، والذي ينبغي أن يفهم من الآية أنّ من معه ينشأ منهم مؤمنون وكافرون، ونبه على الإيمان بأن المتصفين به من الله عليهم سلام وبركة، وعلى الكفر بأن المتصفين به يمتعون في الدنيا ثم يعذبون في الآخرة، وذلك من باب الكناية كقولهم: فلان طويل النجاد كثير الرماد.وظاهر قوله: ممن معك يدل على أنّ المؤمنين والكافرين نشأوا ممن معه، والذين كانوا معه في السفينة إن كانوا أولاده الثلاثة فقط، أو معهم نساؤهم، انتظم قول المفسرين أنّ نوحًا عليه السلام هو أبو الخلق كلهم، وسمي آدم الأصغر لذلك.وإن كانوا أولاده وغيرهم على الاختلاف في العدد، فإن كان غير أولاده مات ولم ينسل صح أنه أبو البشر بعد آدم، ولم يصح أنه نشأ ممن معه مؤمن وكافر، إلا إن أريد بالذين معه أولاده، فيكون من إطلاق العام ويراد به الخاص.وإن كانوا نسلوا كما عليه أكثر المفسرين فلا ينتظم أنه أبو البشر بعد آدم بل الخلق بعد الطوفان منه، وممن كان معه في السفينة والأمم الممتعة ليسوا معينين، بل هم عبارة عن الكفار.وقيل: هم قوم هود، وصالح، ولوط، وشعيب، عليهم الصلاة والسلام. اهـ.
وإيثارُ غيرُ صالحٍ على فاسد إما لأن الفاسدَ ربما يطلق على ما فسد ومن شأنُه الصلاحُ فلا يكون نصًا فيما هو من قبيل الفاسدِ المحضِ كالقتل والمظالم، وإما للتلويح بأن نجاةَ من نجا إنما هي لصلاحه، وقرأ الكسائي، ويعقوب، إنه عمِلَ غيرَ صالحٍ أي عملًا غيرَ صالح، ولما كان دعاؤه عليه الصلاة والسلام مبنيًا على ما ذكر من اعتقاد كونِ كنعانَ من أهله وقد نُفيَ ذلك وحُقّق ببيان عِلّته فُرّع على ذلك النهيُ عن سؤال إنجائِه، إلا أنه جيء بالنهي على وجه عامٍ يندرجُ فيه ذلك اندراجًا أوليًا فقيل: {فَلاَ تَسْأَلْنى} أي إذا وقفتَ على جلية الحالِ فلا تطلُب مني: {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} أي مطلبًا لا تعلم يقينًا أن حصولَه صوابٌ وموافقٌ للحكمة على تقدير كونِ (ما) عبارةً عن المسؤول الذي هو مفعولٌ للسؤال أو طلبًا لا تعلم أنه صوابٌ على تقدير كونِه عبارةً عن المصدر الذي هو مفعولٌ مطلقٌ فيكون النهيُ واردًا بصريحه في كلَ من معلوم الفسادِ ومشتبِهِ الحالِ ويُفهم، ويجوز أن يكون المعنى ما ليس لك علمٌ بأنه صوابٌ أو غيرُ صوابٍ فيكون النهيُ واردًا في مشتبِهِ الحالِ ويُفهمُ منه حالُ معلوم الفساد بالطريق الأولى، وعلى التقديرين فهو عامٌ يندرج تحته ما نحن فيه كما ذكرناه، وهذا كما ترى صريحٌ في أن نداءَه عليه الصلاة والسلام ربَّه عز وعلا ليس استفسارًا عن سبب عدمِ إنجاءِ ابنِه مع سبق وعدِه بإنجاء أهلِه وهو منهم كما قيل، فإن النهيَ عن استفسار ما لم يُعلم غيرُ موافقٍ للحكمة، إذا عدمُ العلمِ بالشيء داعٍ إلى الاستفسار عنه لا إلى تركه بل هو دعاءٌ منه لإنجاء ابنِه حين حال الموجُ بينهما ولم يَعلم بهلاكه بعدُ، إما بتقريبه إلى الفُلك بتلاطم الأمواجِ أو بتقريبها إليه، وقيل: أو بإنجائه في قُلّة الجبل، ويأباه تذكيرُ الوعدِ في الدعاء فإنه مخصوصٌ بالإنجاء في الفلك وقوله تعالى: {لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إِلاَّ مَن رَّحِمَ} ومجرّدُ حيلولةِ الموجِ بينهما لا يستوجب هلاكَه فضلًا عن العلم به لظهور إمكانِ عصمةِ الله تعالى إياه برحمته وقد وعد بإنجاء أهلِه ولم يكن ابنُه مجاهرًا بالكفر كما ذكرناه حتى لا يجوز عليه السلام أن يدعوَه إلى الفُلك أو يدعوَ ربّه لإنجائه، واعتزالُه عنه عليه الصلاة والسلام وقصدُه الالتجاء إلى الجبل ليس بنص في الإصرار على الكفر لظهور جوازِ أن يكون ذلك لجهله بانحصار النجاة في الفُلك وزعمِه أن الجبلَ أيضًا يجري مجراه أو لكراهة الاحتباسِ في الفلك بل قوله: {سَآوِى إلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ الماء} بعد ما قال نوحٌ عليه الصلاة والسلام: {وَلاَ تَكُن مَّعَ الكافرين} ربما يُطمعه عليه السلام في إيمانه حيث لم يقل: أكونُ معهم أو سنأوي أو يعصمنا، فإن إفرادَ نفسه بنسبة الفعلين المذكورَيْن بما يشعر بانفراده من الكافرين واعتزالِه عنهم وامتثالِه ببعض ما أمره به نوحٌ عليه الصلاة والسلام، إلا أنه عليه الصلاة والسلام لو تأمل في شأنه حقَّ التأملِ وتفحّص عن أحواله في كل ما يأتي ويذر لما اشتبه عليه أنه ليس بمؤمن وأنه المستثنى من أهله، ولذك قيل: {إِنّى أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجاهلين} فعبّر عن ترك الأولى بذلك، وقرئ فلا تسألنِ بغير ياءِ الإضافةِ وبالنون الثقيلة بياء وبغير ياء.{قَالَ رَبّ إِنّى أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ} أي أطلب منك من بعدُ: {مَا لَيْسَ لِى بِهِ عِلْمٌ} أي مطلوبًا لا أعلم أن حصولَه مقتضي الحِكمة أو طلبًا لا أعلم أنه صوابٌ سواءٌ كان معلومَ الفسادِ أو مشتبِهَ الحالِ أو لا أعلمُ أنه صوابٌ أو غيرُ صوابٍ على ما مر، وهذه توبةٌ منه عليه السلام مما وقع منه وإنما لم يقُلْ: أعوذ بك منه أو من ذلك مبالغةً في التوبة وإظهارًا للرغبة والنشاطِ فيها وتبركًا بذكر ما لقّنه الله تعالى، وهو أبلغُ من أن يقول: أتوبُ إليك أن أسألَك لما فيه من الدِلالة على كون ذلك أمرًا هائلًا محذورًا لا محيصَ منه إلا بالعوذ بالله تعالى وأن قدرتَه قاصرةٌ عن النجاة من المكاره إلا بذلك: {وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِى} ما صدر عني من السؤال المذكورِ: {وَتَرْحَمْنِى} بقَبول توبتي: {أَكُن مّنَ الخاسرين} أعمالًا بسبب ذلك، فإن الذهولَ عن شكر الله تعالى لاسيما عند وصولِ مثلِ هذه النعمةِ الجليلةِ التي هي النجاةُ وهلاكُ الأعداءِ والاشتغالَ بما لا يعني خصوصًا بمبادي خلاصِ من قيلَ في شأنه إنه عملٌ غيرُ صالحٍ والتضرّعَ إلى الله تعالى في أمره معاملةٌ غيرُ رابحةٍ أو خسرانٌ مبينٌ.وتأخيرُ ذكرِ هذا النداءِ عن حكاية الأمرِ الواردِ على الأرض والسماءِ وما يتلوه من زوال الطوفانِ وقضاءِ الأمر واستواءِ الفُلك على الجوديّ والدعاءِ بالهلاك على الظالمين مع أن حقَّه أن يُذكر عَقيبَ قوله تعالى: {فَكَانَ مِنَ المغرقين} حسبما وقع في الخارج إذ حينئذ يُتصوّر الدعاءُ بالإنجاء لا بعد العلمِ بالهلاكِ ليس لما قيل من استقلاله بغرض مُهمَ هو جعلُ قرابةِ الدين غامرةً لقرابة النسبِ، وأن لا يقدّم في الأمور الدينيةِ الأصوليةِ إلا بعد اليقينِ قياسًا على ما وقع في قصة البقرةِ من تقديم ذكرِ الأمرِ بذبحها على ذكر القتيلِ الذي هو أولُ القصةِ وكان حقُّها أن يقالَ: وإذ قتلتم نفسًا فادّارأتم فيها فقلنا: اذبحوا بقرةً فاضرِبوه ببعضها كما قُرّر في موضعه فإن تغييرَ الترتيبِ هناك للدِلالة على كمال سوءِ حالِ اليهودِ بتعديد جناياتِهم المتنوعةِ وتثنية التقريعِ عليهم بكل نوع على حدة فقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ موسى لِقَوْمِهِ إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً} إلخ، لتقريعهم على الاستهزاء وتركِ المسارعةِ إلى الامتثال وما يتبع ذلك وقوله تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا} إلخ، للتقريع على قتل النفسِ المحرمةِ وما يتبعه من الأمور العظيمةِ، ولو قُصت القِصةُ على ترتيبها لفات الغرضُ الذي هو تثنيةُ التقريعِ ولظُن أن المجموعَ تقريعٌ واحدٌ وأما ما نحن فيه فليس مما يمكن أن يراعى فيه مثلُ تلك النكتةِ أصلًا، وما ذكر من جعل القرابةِ الدينيةِ غامرةً للقرابة النسبية إلخ، لا يفوت على تقدير سَوْقِ الكلامِ على ترتيب الوقوعِ أيضًا بل لأن ذكرَ هذا النداءِ كما ترى مستدعٍ لذكر ما مر من الجواب المستدعي لذكر ما مر من توبته عليه الصلاة والسلام المؤدِّي ذكرُها إلى ذكر قَبولها في ضمن الأمرِ الواردِ بنزوله عليه الصلاة والسلام من الفلك بالسلام والبركاتِ الفائضةِ عليه وعلى المؤمنين حسبما سيجيء مفصلًا، ولا ريب في أن هذه المعانيَ آخذٌ بعضُها بحُجْزةِ بعض بحيث لا يكاد يُفرَّق الآياتُ الكريمة المنطويةُ عليها بعضُها من بعض وأن ذلك إنما يتم بتمام القِصّة، ولا ريب أن ذلك إنما يكون بتمام الطوفانِ فلا جرم اقتضى الحالُ ذكرَ تمامِها قبلَ هذا النداءِ وذلك إنما يكون عند ذكرِ كونِ كنعانَ من المغرَقين ولهذه النكتة ازداد حسنُ موقعِ الإيجاز البليغِ وفيه فائدةٌ أخرى هي التصريحُ بهلاكه من أول الأمرِ إلى أن يرِد قولُه: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} أنه ينجو بدعائه عليه الصلاة والسلام فنُص على هلاكه من أول الأمرِ ثم ذُكر الأمرُ الواردُ على الأرض والسماءِ الذي هو عبارةٌ عن تعلق الإرادةِ الربانيةِ الأزليةِ بما ذُكر من الغيض والإقلاعِ وبين بلوغِ أمرِ الله محلَّه وجريانِ قضائِه ونفوذ حُكمِه عليهم بهلاك من هلك ونجاةِ من نجا بتمام ذلك الطوفانِ واستواءِ الفُلكِ على الجوديِّ فقُصّت القِصةُ إلى هذه المرتبةِ وبُيّن ذلك أيَّ بيانٍ ثم تعرض لما وقع في تضاعيف ذلك مما جرى بين نوحٍ عليه السلام وبين ربِّ العزة جلت حكمتُه فذُكر بعد توبتِه عليه الصلاة والسلام قبولُها بقوله: {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ} أي انزل من الفُلك وقرئ بضم الباء: {بِسَلامٍ} ملتبسًا بسلامة من المكاره كائنةٍ: {مِنَّا} أو بسلام وتحيةٍ منا عليك كما قال: سلامٌ على نوح في العالمين: {وبركات عَلَيْكَ} أي خيراتٍ ناميةٍ في نسلك وما يقوم به معاشُك ومعاشُهم من أنواع الأرزاق، وقرئ بركةٍ، وهذا إعلامٌ وبشارةٌ من الله تعالى بقَبول توبتِه وخلاصِه من الخسران بفيضان أنواعِ الخيراتِ عليه في كل ما يأتي وما يذر: {وعلى أُمَمٍ} ناشئةٍ: {مّمَّن مَّعَكَ} إلى يوم القيامة متشبعةٍ منهم، فمن ابتدائيةٌ، والمرادُ الأممُ المؤمنةُ المتناسلةُ ممن معه إلى يوم القيامة: {وَأُمَمٌ سَنُمَتّعُهُمْ} أي ومنهم على أنه خبرٌ حذف لِدلالة ما سبق عليه، فإن إيرادَ الأممِ المبارَكِ عليهم المتشعبةِ منهم نكرةٌ يدل على أن بعضَ مَنْ يتشعّب منهم ليسوا على صفتهم يعني ليس جميعُ من تشعّب منهم مسلمًا ومباركًا عليه بل منهم أممٌ ممتّعون في الدنيا معذّبون في الآخرة، وعلى هذا لا يكون الكائنون مع نوح عليه السلام مسلمًا ومبارَكًا عليهم صريحًا وإنما يفهم ذلك من كونهم مع نوح عليه الصلاة والسلام ومن كون ذريّاتِهم كذلك بدلالة النصِّ، ويجوز أن تكون (من) بيانيةً أي وعلى أمم هم الذين معك وإنما سُمّوا أممًا لأنهم أممٌ متحزِّبةٌ وجماعاتٌ متفرِّقةٌ، أو لأن جميعَ الأممِ إنما تشعّبت منهم فحينئذ يكون المرادُ بالأمم المشارِ إليهم في قوله تعالى: {وَأُمَمٌ سَنُمَتّعُهُمْ} بعضَ الأممِ المتشعبةِ منهم وهي الأممُ الكافرةُ المتناسلةُ منهم إلى يوم القيامة، ويبقى أمرُ الأممِ المؤمنةِ الناشئةِ منهم مبهمًا غيرَ متعرّضٍ له ولا مدلولٍ عليه، ومع ذلك ففي دِلالة المذكورِ على خبره المحذوفِ خفاءٌ لأن (من) المذكورةَ بيانيةٌ والمحذوفةَ تبعيضيةٌ أو ابتدائيةٌ فتأمل: {ثُمَّ يَمَسُّهُمْ} إما في الأخرة أو في الدنيا أيضًا: {مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ}. عن محمد بن كعب القرظي دخل في ذلك السلامِ كلُّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ إلى يوم القيامة، وفيما بعده من المتاع والعذابِ كلُّ كافر، وعن ابن زيد هبطوا والله عنهم راضٍ ثم أَخرج منهم نسلًا منهم من رَحِم ومنهم من عذّب. وقيل: المرادُ بالأمم الممتَّعةِ قومُ هودٍ وصالحٍ ولوطٍ وشعيبٍ عليهم السلام وبالعذاب ما نزل بهم. اهـ.
أو: {لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} الذين أمرتك بحملهم في الفلك لخروجه عنه بالاستثناء، وحكى هذا عن ابن جرير وعكرمة، والأول عن ابن عباش رضي الله تعالى عنهما؛ وعلى القولين ليس هو من الذين وعد بإنجائهم، وكأنه لما كان دعاؤه عليه السلام بتذكير وعده جل ذكره مبنيًا على كون كنعان من أهله نفى أولا كونه منهم، ثم علل عدم كونه منهم على طريقة الاستئناف التحقيقي بقوله سبحانه: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالح} وأصله إنه ذو عمل فاسد فحذف ذو للمبالغة بجعله عين عمله لمداومته عليه، ولا يقدر المضاف لأنه حينئذ تفوت المبالغة المقصودة منه، ونظير ذلك ما في قول الخنساء ترثي أخاها صخرًا: وأبدل فاسد بغير صالح إما لأن الفاسد ربما يطلق على ما فسد ومن شأنه الصلاح فلا يكون نصًا فيما هو من قبيل الفاسد المحض كالمظالم، وإما للتلويح بأن نجاة من نجاة إنما هو لصلاحه.
|